ضعف الدافعية للتعلم مشكلة تحتاج علاج
كتب عبد القادر جاد الله فى تحقيق له:
اهتمام الأسرة بتعلم الأبناء آخذ في التزايد ومع تزايده هذا تتعدد مشكلات التعلم وتغدو هما يلاحق الآباء والأمهات ويثير قلقهم ويؤدي في كثير من الأحيان الى اضطرابات علاقة الآباء بالأبناء وتصطبغ هذه العلاقة بالتوتر.
ومن ابرز المشكلات التعليمية التي تزعج الآباء والامهات وتثير لديهم القلق حول مستقبل أبنائهم مشكلة ضعف دافعية الأبناء للدراسة, إنها مشكلة تبعث في نفوس الغالبية العظمى من الأهالي الحيرة, ولسان حالهم يردد كيف نجعل أولادنا يقبلون على الدراسة؟ كيف نزيد من دافعيتهم للتعلم والتحصيل؟ كيف نحسن من مستوى إنجازهم المدرسي؟ حول هذه القضية, طبيعتها, أسبابها, وأساليب الوقاية منها وطرق علاجها جرى تحقيقنا هذا الذي شارك فيه عدد من الآباء والامهات وكذلك الطلاب. تقول باسمة البنا وهي أم وتعمل مدرسة وتحمل مؤهلا جامعيا في التربية وعلم النفس: ان ما يدفع الإنسان الى مباشرة عمل ما هو حالة داخلية تكون مسئولة عن تحريك السلوك وتوجيهه, وهذه الحالة هي الدافع ولذلك يمكن القول انه لا وجود لنشاط او عمل إلا بوجود هذا الدافع, لا يبدأ العمل إلا مع وجوده ولا يستمر دونه. وترى ان خلق هذا الدافع لدى الطفل مسئولية الاسرة اولا والمدرس ثانيا والمجتمع بمختلف مؤسساته ثالثا, فالطفل يكون مدفوعا للبحث عن مكافأة وتجنب العقوبة والحافز هنا يكون عبارة عن مكافأة مادية او معنوية وهو يعتمد في البداية على الوالدين للحصول على المحبة وغير ذلك من المكافآت, انه يبحث عن الثناء والاهتمام بما ينجزه من أعمال والأسرة بالتفاتها الى هذه الأمور تشيع حاجة طفلها الى الاهتمام والتقدير والثناء وتعمل على تقوية وتدعيم دوافع الطفل ومن ثم تطويرها.
مسئولية مشتركة وللمدرسة دور هام في تقوية او إضعاف دافعية الطفل للدراسة والتعلم, فالمدرسة احيانا لا تلبي حاجات الاطفال او ميولهم الخاصة, وقد لا يجدون في المدرسة ما يجذب انتباههم ويشدهم اليها لذلك نراهم لا يظهرون حماسا في المواقف التي تستثير اهتماما لدى زملائهم, وقد لا يجدون معنى شخصيا في المناهج التي يدرسونها, فهذه كلها عوامل من شأنها ان تضعف من دافعيتهم. وتبدو إعراض ضعف الدافعة في عدم بذلهم الجهد الذي يتناسب مع قدراتهم, فيأتي إنجازهم التحصيلي متدنيا وبمستوى اقل بكثير مما تسمح به قدراتهم, واحب ان اشير هنا الى ان تدني التحصيل في المدرسة يبدأ في وقت مبكر, وغالبا ما تزداد حدته اذا لم تبادر الاسرة والمدرسة الى معالجته بسرعة وفاعلية وفي الوقت المناسب, وإلا فإن ضعف تحصيلهم هذا سوف يرافقهم الى المرحلة الثانوية وعندها يصبح كثير من المراهقين ضعيفي التحصيل أفرادا غير مسئولين, ولا يحترمون المواعيد ولا يلتزمون بها ويهربون من المدرسة ويقدمون واجباتهم متأخرين او لا يقدمونها بالمرة. اما المعلمة جو رجيت ياسمين فتقول: ان بعض الأباء والامهات تكون توقعاتهم من طفلهم عالية جدا وغير متناسبة مع إمكانياته وهنا تتولد عند الطفل حالة تتمثل في خوفه من الفشل فنراه لا يقدم على فعل ما هو مطلوب منه خشية الوقوع في الخطأ وهذا الامر في اعتقادي يضعف دافعيته الى التعلم. ومن الأمهات من تعتقد ان الضغط الزائد على الطفل يرفع من مستوى تحصيل الطفل, فتستعمل معه اساليب تتسم بالقوة والعنف والشدة, الامر الذي يجعل الطفل يميل الى الانتقام بسبب موقفها غير العادل منه, وبالنتيجة فإن الطفل لا يستطيع وفقا لقدراته ان يحقق طموح الام او الاب او كليهما وهنا لا يجد أمامه إلا الاستسلام للفشل, ما دام غير قادر على ان يكون ممتازا على الدوام, واعتقد انه في هذه الحالة اما ان يتوقف عن محاولة التعلم او ان يكتفي ببذل اقل جهد ممكن من اجل تحقيقه. وفي المقابل هناك نفر من الآباء والامهات يكون تقديرهم لأطفالهم ضعيفا ومنخفضا وينقلون لهم مستوى طموح متدنيا, وبهذا فإن الواحد منهم ـ الأطفال ـ يشعر انه الأب او الام او كليهما لا يتوقع منه إلا الشيء القليل ولذلك فإنه ـ الطفل ـ لا يحتاج إلا لقدر قليل من الجهد والجد والاجتهاد. الأباء في هذه الحالة لا يقدمون لاطفالهم التشجيع على التحضير وبذل الجهد والاداء الجيد في الامتحانات لانهم يعتقدون ان اطفالهم غير قادرين على ذلك. ارتفاع تكاليف المعيشة وكثرة متطلباتها قد زادا من الوقت الذي يستغرقه الاب في العمل واديا ايضا الى خروج الام الى ميدان العمل. ويعود كل منهما منهكا متعبا من جهة ومنشغلا بقضايا عمله وبالتالي فإنه لا يبقى امام كل منهما الوقت للاهتمام بعمل الطفل وادائه في المدرسة ولا تتوفر لديهما فرص الاتصال اللفظي بالطفل واللعب معه والتحدث اليه, وهذه كلها عوامل تؤدي الى ضعف دافعية الطفل للتعلم.
تعطيل الدافعية سيرين محمود محمد قالت ليست هذه العوامل وحدها هي المسئولة عن ضعف دافعية الاطفال, فهناك عوامل اخرى لا تقل عن السابقة اثرا في تعطيل دافعية الطفل واضعافها, ومن هذه العوامل ما قد يسود الاسرة من اضطرابات وصراعات حادة, فهذه الظروف من شأنها ان تشغل الطفل وتضعف من رغبته في النجاح بالمدرسة او تضعف الجهود اللازمة لتحقيق هذا النجاح, فالمشاجرات الحادة والتوتر الزائد يؤديان الى طفل مكتئب ليس لديه ميل للعمل المدرسي, ولا توجد لديه دافعية لارضاء والدين منشغلين بالمشاجرات والصراعات ولا وقت لديهم للالتفات الى عمل ولدهم وانجازه. واضافت سيرين محمود قائلة لاسلوب نبذ الطفل ونقده المتكرر واثره السلبي على دافعيته للتعلم, فالطفل الذي يشعر انه منبوذ من قبل الاب او الام او كليهما يغلب عليه اليأس ويشعر بعدم الكفاءة وهنا نجد انه من المحتمل جدا ان يستخدم الضعف التحصيلي والاهمال وعدم المبالاة وسائل ينتقم بها من والديه اللذين ينبذانه. وكذلك بفعل النقد الشديد والمتكرر.
تقدير الذات وينتقل الحديث الى وليد عمر احمد أخصائي التربية الخاصة الذي يقول: ان اشكال السلوك الابوي التي تم استعراضها تساهم مساهمة فعالة في خلق حالة تدني تقدير الذات لدى المتعلمين, وهذه الحالة تؤدي بالضرورة الى انخفاض الدافعية للدراسة نعم.. يجب ان يدرك الاباء ان شعور اطفالهم بعدم القيمة يعتبر من اهم العوامل التي تضعف الدافعية لديهم, فمثل هؤلاء الاطفال يرون انفسهم في ظل عدم التقدير والاهمال انه لا فرق بينهم وبين اصحاب الشطرنج لا قوة لهم, كما ويعتقدون انهم لا يستطيعون ان يحدثوا اي تغيرات او اي تأثير في البيئة, وتراهم في بعض الاحيان وكأنهم يسعون الى الفشل ويرغبون فيه حتى يؤكدوا صحة وصدق الصورة التي يحملونها عن ذاتهم. هذا النمط من الاطفال لا يميلون الى الغضب ذلك لاعتقادهم بأنهم اقل قيمة من ان يؤكدوا انفسهم بأية طريقة كانت ولذلك فإنهم يتوجهون بغضبهم الى الداخل فتراهم يكثرون من لوم انفسهم, واخطر ما في الامر ان يصل الطفل الى الشعور بأنه يستحق الفشل وانه غير قادر على التعلم, ولذلك فهم يفتقدون الجرأة والمبادرة بسبب خوفهم من الفشل لهذا يجدون انه من الاسلم لهم ألا يبذلوا اية محاولة.
الضحية الاولى وتتناول الطالبة نغم علي سعيد الحديث وقد بدا عليها الاندفاع وهي تقول: الطالبة هي الضحية الاولى لأساليب التربية الاسرية الخاطئة, فالطفل لا يأتي الى هذا الوجود وهو يحمل الظواهر السلوكية السلبية, والاسرة هي التي تغرس فيه الظواهر الايجابية او السلبية من خلال اساليب التنشئة وانماط التربية التي تعتمدها, ومن ابرز الاساليب التربوية الخاطئة التي تمارسها الاسرة وتكون لها اثارها الضارة على الطفل, اسلوب النبذ والاهمال والتحقير والدلال الزائد والتمييز بين اخ واخيه او المقارنة بينهما, وتكرار نقد الطفل ومطالبته بأعمال وواجبات هو بطبيعة الحال غير قادر عليها, ومن اخطر هذه الاساليب خاصة على الفتاة الشك وعدم ثقة الاهل بالابن او الابنة. وتأتي بعد ذلك المدرسة والتي تتحمل مسئولية زرع ظواهر سلوكية غير سليمة لدى الطالب او الطالبة, وتتحمل ايضا مسئولية تطوير وتكريس بعض هذه الظواهر, ويلعب الجو التعليمي في نظام المدرسة دورا يمكن ان يؤدي الى اضعاف او قتل الدافعية عندهما. ذلك حين يلجأ بعض المعلمين والمعلمات الى تسفيه رأي الطالب واحتقاره واحيانا عدم السماح له بابداء الرأي زد على ذلك ان بعض المعلمين والمعلمات لا يتقبلون الاجابة غير الصحيحة من الطالب او الطالبة وكأن الواحد منا جاء الى المدرسة وهو متعلم جاهز. واحيانا تجد ان عدم عدالة المعلم او المعلمة في توزيع الاسئلة على الطلاب والطالبات, وفي تقييم اداء المتعلم سببا في عدم مشاركة الواحد منهم في الدرس ويشعر ان الدرس لا يعنيه وعندها ينشغل بأمور اخرى لا علاقة لها بما يجرى داخل الصف وهكذا يقل اهتمامه بالدراسة وتضعف لديه الدافعية الى التعلم. واخطر ما في الامر تلك العبارات التي تصدر عن بعض المعلمين والمعلمات بحق الطالب او الطالبة حين يصفونه بأنه متخلف او بطيء التعلم او اي عبارة توحي بعجزه او تنال من كرامته ومن تقديره لذاته, كل هذه الامور تقتل الدافعية لدى المتعلم او تضعفها ولا يتحمل الطالب مسئولية ذلك فالمسئولية كل المسئولية تقع على الاسرة والمدرسة.
وعي الاسرة اما نجوى القدومي فإنها تؤيد ما قالته الطالبة نغم علي سعيد وتفتح قناة جديدة للحديث حيث قالت: ان ماورد على لسان الطالبة نغم يستلزم ان تكون الاسرة واعية لدورها في التربية ومدركة للاساليب التي تدعم ثقة الابن بنفسه وتلك التي تزعزع هذه الثقة وتؤدي الى عدم تقديره لنفسه وبالتالي الى انخفاض دافعيته للدراسة والتعلم. وتتابع نجوى حديثها قائلة: الاسرة اذا مطالبة بتوفير الاجواء التي تزرع في حياة الطفل الظواهر السلوكية المرغوبة وتحول في الوقت نفسه دون تسرب الظواهر السلبية الى حياته, واعتقد ان وقاية الطفل من الظواهر غير السوية ممكن حين يكون الطفل متقبلا لدى ابويه, وحين يعملان على تشجيع شعوره بالقدرة, فالواجب يقتضي تشجيع الاطفال منذ طفولتهم المبكرة على المحاولة وبذل الجهد الممكن على ان يرافق ذلك تعويد الطفل على تحمل الفشل, فالمفروض ان يتم تدريب الطفل على تحمل الفشل ويكون ذلك من خلال اشعاره بالجدارة حتى في الحالات التي لا يحقق فيها النجاح, نعم يجب ان نقدر ونثمن الجهود التي بذلها الطفل ايا كانت نتائجها, فالحياة ليست كلها نجاحا في نجاح, والفشل وارد ومحتمل وكذلك النجاح. وتكمل حديثها قائلة.. وحتى نقي الطفل من ظاهرة او حالة ضعف دافعيته للتعلم علينا كآباء ومعلمين الا نربط جدارة الطفل الذاتية بتحصيله الدراسي, وبهذه المناسبة فإن تجربتي في تعاملي مع اولادي اثبتت لي انه من الاخطاء القاتلة التي يقع فيها بعض الآباء والامهات والمعلمين والمعلمات هو توجيه النقد الى ذات الطفل عندما يقع في الخطأ والصحيح انه اذا كان لابد من توجيه النقد في هذه الحالة فيجب ان يكون موجها الى العمل وليس الى الشخص نفسه. وتضيف نجوى القدومي انه على الآباء والامهات والمدرسين ألا يبالغوا في توقعاتهم من الطفل اذ يجب ان تكون توقعاتهم منه تتناسب مع قدراته او امكاناته, وعلى الاسرة ان تحرص على تعليم طفلها اسلوب التعلم النشط وان يكون الوالدان قدوة ونموذجا للطفل, وعليهما ان يظهرا اهتمامهما بتعلم ولدهما وتحصيله, وانا من الناس الذين يؤمنون بأن تحقيق النجاح في مهمات التعلم وخصائص شخصية الطفل الايجابية لهما ارتباط وثيق الصلة باهتمام البيت بما ينجزه الطفل وحرصه على مكافأة النجاح. واختتمت حديثها قائلة: على الاسرة حتى تحمي طفلها من حالة ضعف او انخفاض دافعيته ان تعمل على تنمية شعوره واحساسه بتحمل المسئولية.
كتب عبد القادر جاد الله فى تحقيق له:
اهتمام الأسرة بتعلم الأبناء آخذ في التزايد ومع تزايده هذا تتعدد مشكلات التعلم وتغدو هما يلاحق الآباء والأمهات ويثير قلقهم ويؤدي في كثير من الأحيان الى اضطرابات علاقة الآباء بالأبناء وتصطبغ هذه العلاقة بالتوتر.
ومن ابرز المشكلات التعليمية التي تزعج الآباء والامهات وتثير لديهم القلق حول مستقبل أبنائهم مشكلة ضعف دافعية الأبناء للدراسة, إنها مشكلة تبعث في نفوس الغالبية العظمى من الأهالي الحيرة, ولسان حالهم يردد كيف نجعل أولادنا يقبلون على الدراسة؟ كيف نزيد من دافعيتهم للتعلم والتحصيل؟ كيف نحسن من مستوى إنجازهم المدرسي؟ حول هذه القضية, طبيعتها, أسبابها, وأساليب الوقاية منها وطرق علاجها جرى تحقيقنا هذا الذي شارك فيه عدد من الآباء والامهات وكذلك الطلاب. تقول باسمة البنا وهي أم وتعمل مدرسة وتحمل مؤهلا جامعيا في التربية وعلم النفس: ان ما يدفع الإنسان الى مباشرة عمل ما هو حالة داخلية تكون مسئولة عن تحريك السلوك وتوجيهه, وهذه الحالة هي الدافع ولذلك يمكن القول انه لا وجود لنشاط او عمل إلا بوجود هذا الدافع, لا يبدأ العمل إلا مع وجوده ولا يستمر دونه. وترى ان خلق هذا الدافع لدى الطفل مسئولية الاسرة اولا والمدرس ثانيا والمجتمع بمختلف مؤسساته ثالثا, فالطفل يكون مدفوعا للبحث عن مكافأة وتجنب العقوبة والحافز هنا يكون عبارة عن مكافأة مادية او معنوية وهو يعتمد في البداية على الوالدين للحصول على المحبة وغير ذلك من المكافآت, انه يبحث عن الثناء والاهتمام بما ينجزه من أعمال والأسرة بالتفاتها الى هذه الأمور تشيع حاجة طفلها الى الاهتمام والتقدير والثناء وتعمل على تقوية وتدعيم دوافع الطفل ومن ثم تطويرها.
مسئولية مشتركة وللمدرسة دور هام في تقوية او إضعاف دافعية الطفل للدراسة والتعلم, فالمدرسة احيانا لا تلبي حاجات الاطفال او ميولهم الخاصة, وقد لا يجدون في المدرسة ما يجذب انتباههم ويشدهم اليها لذلك نراهم لا يظهرون حماسا في المواقف التي تستثير اهتماما لدى زملائهم, وقد لا يجدون معنى شخصيا في المناهج التي يدرسونها, فهذه كلها عوامل من شأنها ان تضعف من دافعيتهم. وتبدو إعراض ضعف الدافعة في عدم بذلهم الجهد الذي يتناسب مع قدراتهم, فيأتي إنجازهم التحصيلي متدنيا وبمستوى اقل بكثير مما تسمح به قدراتهم, واحب ان اشير هنا الى ان تدني التحصيل في المدرسة يبدأ في وقت مبكر, وغالبا ما تزداد حدته اذا لم تبادر الاسرة والمدرسة الى معالجته بسرعة وفاعلية وفي الوقت المناسب, وإلا فإن ضعف تحصيلهم هذا سوف يرافقهم الى المرحلة الثانوية وعندها يصبح كثير من المراهقين ضعيفي التحصيل أفرادا غير مسئولين, ولا يحترمون المواعيد ولا يلتزمون بها ويهربون من المدرسة ويقدمون واجباتهم متأخرين او لا يقدمونها بالمرة. اما المعلمة جو رجيت ياسمين فتقول: ان بعض الأباء والامهات تكون توقعاتهم من طفلهم عالية جدا وغير متناسبة مع إمكانياته وهنا تتولد عند الطفل حالة تتمثل في خوفه من الفشل فنراه لا يقدم على فعل ما هو مطلوب منه خشية الوقوع في الخطأ وهذا الامر في اعتقادي يضعف دافعيته الى التعلم. ومن الأمهات من تعتقد ان الضغط الزائد على الطفل يرفع من مستوى تحصيل الطفل, فتستعمل معه اساليب تتسم بالقوة والعنف والشدة, الامر الذي يجعل الطفل يميل الى الانتقام بسبب موقفها غير العادل منه, وبالنتيجة فإن الطفل لا يستطيع وفقا لقدراته ان يحقق طموح الام او الاب او كليهما وهنا لا يجد أمامه إلا الاستسلام للفشل, ما دام غير قادر على ان يكون ممتازا على الدوام, واعتقد انه في هذه الحالة اما ان يتوقف عن محاولة التعلم او ان يكتفي ببذل اقل جهد ممكن من اجل تحقيقه. وفي المقابل هناك نفر من الآباء والامهات يكون تقديرهم لأطفالهم ضعيفا ومنخفضا وينقلون لهم مستوى طموح متدنيا, وبهذا فإن الواحد منهم ـ الأطفال ـ يشعر انه الأب او الام او كليهما لا يتوقع منه إلا الشيء القليل ولذلك فإنه ـ الطفل ـ لا يحتاج إلا لقدر قليل من الجهد والجد والاجتهاد. الأباء في هذه الحالة لا يقدمون لاطفالهم التشجيع على التحضير وبذل الجهد والاداء الجيد في الامتحانات لانهم يعتقدون ان اطفالهم غير قادرين على ذلك. ارتفاع تكاليف المعيشة وكثرة متطلباتها قد زادا من الوقت الذي يستغرقه الاب في العمل واديا ايضا الى خروج الام الى ميدان العمل. ويعود كل منهما منهكا متعبا من جهة ومنشغلا بقضايا عمله وبالتالي فإنه لا يبقى امام كل منهما الوقت للاهتمام بعمل الطفل وادائه في المدرسة ولا تتوفر لديهما فرص الاتصال اللفظي بالطفل واللعب معه والتحدث اليه, وهذه كلها عوامل تؤدي الى ضعف دافعية الطفل للتعلم.
تعطيل الدافعية سيرين محمود محمد قالت ليست هذه العوامل وحدها هي المسئولة عن ضعف دافعية الاطفال, فهناك عوامل اخرى لا تقل عن السابقة اثرا في تعطيل دافعية الطفل واضعافها, ومن هذه العوامل ما قد يسود الاسرة من اضطرابات وصراعات حادة, فهذه الظروف من شأنها ان تشغل الطفل وتضعف من رغبته في النجاح بالمدرسة او تضعف الجهود اللازمة لتحقيق هذا النجاح, فالمشاجرات الحادة والتوتر الزائد يؤديان الى طفل مكتئب ليس لديه ميل للعمل المدرسي, ولا توجد لديه دافعية لارضاء والدين منشغلين بالمشاجرات والصراعات ولا وقت لديهم للالتفات الى عمل ولدهم وانجازه. واضافت سيرين محمود قائلة لاسلوب نبذ الطفل ونقده المتكرر واثره السلبي على دافعيته للتعلم, فالطفل الذي يشعر انه منبوذ من قبل الاب او الام او كليهما يغلب عليه اليأس ويشعر بعدم الكفاءة وهنا نجد انه من المحتمل جدا ان يستخدم الضعف التحصيلي والاهمال وعدم المبالاة وسائل ينتقم بها من والديه اللذين ينبذانه. وكذلك بفعل النقد الشديد والمتكرر.
تقدير الذات وينتقل الحديث الى وليد عمر احمد أخصائي التربية الخاصة الذي يقول: ان اشكال السلوك الابوي التي تم استعراضها تساهم مساهمة فعالة في خلق حالة تدني تقدير الذات لدى المتعلمين, وهذه الحالة تؤدي بالضرورة الى انخفاض الدافعية للدراسة نعم.. يجب ان يدرك الاباء ان شعور اطفالهم بعدم القيمة يعتبر من اهم العوامل التي تضعف الدافعية لديهم, فمثل هؤلاء الاطفال يرون انفسهم في ظل عدم التقدير والاهمال انه لا فرق بينهم وبين اصحاب الشطرنج لا قوة لهم, كما ويعتقدون انهم لا يستطيعون ان يحدثوا اي تغيرات او اي تأثير في البيئة, وتراهم في بعض الاحيان وكأنهم يسعون الى الفشل ويرغبون فيه حتى يؤكدوا صحة وصدق الصورة التي يحملونها عن ذاتهم. هذا النمط من الاطفال لا يميلون الى الغضب ذلك لاعتقادهم بأنهم اقل قيمة من ان يؤكدوا انفسهم بأية طريقة كانت ولذلك فإنهم يتوجهون بغضبهم الى الداخل فتراهم يكثرون من لوم انفسهم, واخطر ما في الامر ان يصل الطفل الى الشعور بأنه يستحق الفشل وانه غير قادر على التعلم, ولذلك فهم يفتقدون الجرأة والمبادرة بسبب خوفهم من الفشل لهذا يجدون انه من الاسلم لهم ألا يبذلوا اية محاولة.
الضحية الاولى وتتناول الطالبة نغم علي سعيد الحديث وقد بدا عليها الاندفاع وهي تقول: الطالبة هي الضحية الاولى لأساليب التربية الاسرية الخاطئة, فالطفل لا يأتي الى هذا الوجود وهو يحمل الظواهر السلوكية السلبية, والاسرة هي التي تغرس فيه الظواهر الايجابية او السلبية من خلال اساليب التنشئة وانماط التربية التي تعتمدها, ومن ابرز الاساليب التربوية الخاطئة التي تمارسها الاسرة وتكون لها اثارها الضارة على الطفل, اسلوب النبذ والاهمال والتحقير والدلال الزائد والتمييز بين اخ واخيه او المقارنة بينهما, وتكرار نقد الطفل ومطالبته بأعمال وواجبات هو بطبيعة الحال غير قادر عليها, ومن اخطر هذه الاساليب خاصة على الفتاة الشك وعدم ثقة الاهل بالابن او الابنة. وتأتي بعد ذلك المدرسة والتي تتحمل مسئولية زرع ظواهر سلوكية غير سليمة لدى الطالب او الطالبة, وتتحمل ايضا مسئولية تطوير وتكريس بعض هذه الظواهر, ويلعب الجو التعليمي في نظام المدرسة دورا يمكن ان يؤدي الى اضعاف او قتل الدافعية عندهما. ذلك حين يلجأ بعض المعلمين والمعلمات الى تسفيه رأي الطالب واحتقاره واحيانا عدم السماح له بابداء الرأي زد على ذلك ان بعض المعلمين والمعلمات لا يتقبلون الاجابة غير الصحيحة من الطالب او الطالبة وكأن الواحد منا جاء الى المدرسة وهو متعلم جاهز. واحيانا تجد ان عدم عدالة المعلم او المعلمة في توزيع الاسئلة على الطلاب والطالبات, وفي تقييم اداء المتعلم سببا في عدم مشاركة الواحد منهم في الدرس ويشعر ان الدرس لا يعنيه وعندها ينشغل بأمور اخرى لا علاقة لها بما يجرى داخل الصف وهكذا يقل اهتمامه بالدراسة وتضعف لديه الدافعية الى التعلم. واخطر ما في الامر تلك العبارات التي تصدر عن بعض المعلمين والمعلمات بحق الطالب او الطالبة حين يصفونه بأنه متخلف او بطيء التعلم او اي عبارة توحي بعجزه او تنال من كرامته ومن تقديره لذاته, كل هذه الامور تقتل الدافعية لدى المتعلم او تضعفها ولا يتحمل الطالب مسئولية ذلك فالمسئولية كل المسئولية تقع على الاسرة والمدرسة.
وعي الاسرة اما نجوى القدومي فإنها تؤيد ما قالته الطالبة نغم علي سعيد وتفتح قناة جديدة للحديث حيث قالت: ان ماورد على لسان الطالبة نغم يستلزم ان تكون الاسرة واعية لدورها في التربية ومدركة للاساليب التي تدعم ثقة الابن بنفسه وتلك التي تزعزع هذه الثقة وتؤدي الى عدم تقديره لنفسه وبالتالي الى انخفاض دافعيته للدراسة والتعلم. وتتابع نجوى حديثها قائلة: الاسرة اذا مطالبة بتوفير الاجواء التي تزرع في حياة الطفل الظواهر السلوكية المرغوبة وتحول في الوقت نفسه دون تسرب الظواهر السلبية الى حياته, واعتقد ان وقاية الطفل من الظواهر غير السوية ممكن حين يكون الطفل متقبلا لدى ابويه, وحين يعملان على تشجيع شعوره بالقدرة, فالواجب يقتضي تشجيع الاطفال منذ طفولتهم المبكرة على المحاولة وبذل الجهد الممكن على ان يرافق ذلك تعويد الطفل على تحمل الفشل, فالمفروض ان يتم تدريب الطفل على تحمل الفشل ويكون ذلك من خلال اشعاره بالجدارة حتى في الحالات التي لا يحقق فيها النجاح, نعم يجب ان نقدر ونثمن الجهود التي بذلها الطفل ايا كانت نتائجها, فالحياة ليست كلها نجاحا في نجاح, والفشل وارد ومحتمل وكذلك النجاح. وتكمل حديثها قائلة.. وحتى نقي الطفل من ظاهرة او حالة ضعف دافعيته للتعلم علينا كآباء ومعلمين الا نربط جدارة الطفل الذاتية بتحصيله الدراسي, وبهذه المناسبة فإن تجربتي في تعاملي مع اولادي اثبتت لي انه من الاخطاء القاتلة التي يقع فيها بعض الآباء والامهات والمعلمين والمعلمات هو توجيه النقد الى ذات الطفل عندما يقع في الخطأ والصحيح انه اذا كان لابد من توجيه النقد في هذه الحالة فيجب ان يكون موجها الى العمل وليس الى الشخص نفسه. وتضيف نجوى القدومي انه على الآباء والامهات والمدرسين ألا يبالغوا في توقعاتهم من الطفل اذ يجب ان تكون توقعاتهم منه تتناسب مع قدراته او امكاناته, وعلى الاسرة ان تحرص على تعليم طفلها اسلوب التعلم النشط وان يكون الوالدان قدوة ونموذجا للطفل, وعليهما ان يظهرا اهتمامهما بتعلم ولدهما وتحصيله, وانا من الناس الذين يؤمنون بأن تحقيق النجاح في مهمات التعلم وخصائص شخصية الطفل الايجابية لهما ارتباط وثيق الصلة باهتمام البيت بما ينجزه الطفل وحرصه على مكافأة النجاح. واختتمت حديثها قائلة: على الاسرة حتى تحمي طفلها من حالة ضعف او انخفاض دافعيته ان تعمل على تنمية شعوره واحساسه بتحمل المسئولية.
سلوك
مكتسب لكن اذا تنبهت الاسرة الى خطورة حالة ضعف دافعية طفلها للتعلم وارادت ان
تعالج هذه الحالة فماذا عليها ان تفعل وهل العلاج ممكن؟ بهذا التساؤل الكبير انطلق
سليمان محمد العمري في حديثه ليقول: في اعتقادي ان ضعف الدافعية للتعلم سلوك مكتسب
لذلك فإن امر علاجه ممكن جدا, والاساليب الى ذلك متعددة منها ان يتراجع الآباء عن
توقعاتهم المرتفعة من طفلهم لتصبح عند حدود استطاعة الطفل, وتؤكد التربية
الاسلامية هذا المبدأ من خلال القرآن الكريم والسنة النبوية اذ يقول سبحانه وتعالى
(لا يكلف الله نفسا إلا وسعها) ويقول معلمنا الاول محمد صلى الله عليه وسلم
(اكلفوا من العمل ما تطيقون فإن خير العمل ما دام وان قل) . ويجدر بالوالدين ان
تكون توقعاتهما من ولدهما ايجابية فعندما يتوقع ولي الامر من ابنه ان يؤدي عملا
مدرسيا جيدا فالاغلب ان يؤديه كذلك, وفي اسوأ الحالات فإن الطفل سوف يزيد من جهوده
المبذولة لتحقيق ذلك التوقع, على ان يرافق ذلك اهتمام تجاه التعلم وما يحققه الطفل
من تقدم ايا كان مقدار هذا التعلم, ولعل توفر الفرص للتحدث مع الطفل عما يجري في
المدرسة وطلب الاب او الام من الطفل ان يزودهما بالمعارف الجديدة التي تعلمها
وابداء فرحتهما وسرورهما بما يقدمه لهما من ابراز واهم ظواهر اهتمام الوالدين
بتعلم ابنهما ومن اهم عوامل دافعية الطفل وتحريكها. ولما كان التعلم من خلال العمل
والممارسة الفعلية من اكثر الاساليب فعالية فإن توفير الفرص امام الطفل لممارسة ما
تعلمه امر في غاية الاهمية ويساعد على تفعيل دافعية الطفل وتطويرها وبعثها من حالة
السكون والركود الى حالة النمو والتطور. واعتقد ان تنمية دافعية التحصيل تستدعي
تغيير الطرق التي يفكر فيها الطفل ومساعدته على مقاومة المشتتات الامر الذي يحسن
من مستوى تركيزه ويزيد في مدى انتباهه ويقوده بالتالي الى مزيد من المثابرة وبذل
الجهد لتحقيق نتائج دراسية افضل وبهذا تتحسن دافعيته ويرتقى مستوى انجازه وتتدعم
ثقته بنفسه.
ضغوط المدرسة وواصل سليمان محمد العمري حديثه بقوله: ان الكلام عن الدافعية للتعلم استدعى الى ذاكرتي هذه الحادثة, عايشتها اثناء عملي كمعلم, كان طالب في الرابعة عشرة من عمره في المدرسة الابتدائية لكن دافعيته للتعلم قد انخفضت كثيرا عندما انتقل الى المرحلة الاعدادية ولم يجد الطالب ووالداه سوى تفسير واحد لهذا التغير يتمثل في شعور غامض لدى الطالب بأن ضغوط المدرسة الاعدادية اصبحت اكثر شدة, وقد تعاون عدد من المعلمين في رسم خطة علاجية للطالب توصي بأن يجلس على مكتب مخصص للدراسة فقط وألا ينشغل بأي سلوك آخر حينما يجلس للدراسة, وكانت الخطة تقتضي ان يكافىء نفسه بالقيام بنشاط ممتع بعد فترة معينة من الدراسة وكان الوالدان يقدمان له مصروفا اضافيا, ويأخذانه مرة كل شهر الى فعاليات يحبها وذلك بناء على تحسن ادائه في المدرسة, اما المعلم فكان على اتصال مباشر بالاسرة ويقدم لها تقارير يومية واسبوعية عن اداء الطفل, وبعد فترة عادت دافعية الطالب الى المستوى الذي كانت عليه عندما كان في المدرسة الابتدائية.
ضغوط المدرسة وواصل سليمان محمد العمري حديثه بقوله: ان الكلام عن الدافعية للتعلم استدعى الى ذاكرتي هذه الحادثة, عايشتها اثناء عملي كمعلم, كان طالب في الرابعة عشرة من عمره في المدرسة الابتدائية لكن دافعيته للتعلم قد انخفضت كثيرا عندما انتقل الى المرحلة الاعدادية ولم يجد الطالب ووالداه سوى تفسير واحد لهذا التغير يتمثل في شعور غامض لدى الطالب بأن ضغوط المدرسة الاعدادية اصبحت اكثر شدة, وقد تعاون عدد من المعلمين في رسم خطة علاجية للطالب توصي بأن يجلس على مكتب مخصص للدراسة فقط وألا ينشغل بأي سلوك آخر حينما يجلس للدراسة, وكانت الخطة تقتضي ان يكافىء نفسه بالقيام بنشاط ممتع بعد فترة معينة من الدراسة وكان الوالدان يقدمان له مصروفا اضافيا, ويأخذانه مرة كل شهر الى فعاليات يحبها وذلك بناء على تحسن ادائه في المدرسة, اما المعلم فكان على اتصال مباشر بالاسرة ويقدم لها تقارير يومية واسبوعية عن اداء الطفل, وبعد فترة عادت دافعية الطالب الى المستوى الذي كانت عليه عندما كان في المدرسة الابتدائية.
منقول بتصرف بسيط من الملتقى التربوي
http://www.mltaka.net/forums/multka16842/
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق