اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه
كريستين جونستن
يعد اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه من أحد أكثر الاضطرابات
شيوعا لدى الأطفال وهو اضطراب عصبي بيولوجي يصيب 15.5% من أطفال المملكة العربية
السعودية ويتصف بمستوى عال من صعوبة التركيز ونقص الانتباه والاندفاعية وصعوبة
التركيز لفترات طويلة من الزمن. عادة ما يتم تشخيص الأطفال الذين يعانون من اضطراب
تشتت الانتباه بأنهم عاجزين عن التعلم حتى وإن لم يعانوا من فرط الحركة كذلك. كما
يؤدي هذا الإضطراب إلى تأثيرات عكسية على نواح عديدة من حياة المصاب فغالبا ما
يعاني من انعدام العلاقات الاجتماعية القوية لصعوبة تعامل الغير مع أعراض هذا
الإضطراب.
فقد تواجه الطفل الذي يعاني من اضطراب التشتت صعوبات في اكتساب
الأصدقاء أو المحافظة على الصداقات وقد يظهر درجة عالية من عدم الانتظام، فضلا عن
انعدام التركيز الذهني في حياته اليومية. واذا لم يتم مواجهة تلك المشكلات فقد
تواجه المصاب عواقب إجتماعية وأكاديمية وسلوكية مستقبلاً.
اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه مشكلة عالمية تؤثر على نحو 7% من
أطفال العالم حيث يستمر هذا الإضطراب في أكثر من 60% من المصابين الى مرحلة
الشباب. ومن المعتقد أن مابين 3-7% من الأطفال يعانون من مستوى ما من هذا الاضطراب
النسبة الكبرى منهم ذكور، وغالبا ما يتم تشخيص أعراضهم بشكل خاطئ أو يتم تجاهلها
بوصف شخصية الطفل بأنه غير مهذب أو متمرد.
من المهم النظر إلى أسباب حدوث اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه
ويمكن تقسيمها الى فئتين رئيسيتين: بيولوجية وبيئية. فوفقا للدكتور كيني هاندلمان
طبيب نفسي للاطفال وأخصائي في علاج اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه أنه
عندما يركز الأطفال المصابين بهذا الاضطراب بدقة في عمل شيء ما تصل موجاتهم
الكهربائية الدماغية إلى أدنى مستوى لها. اما بالنسبة للأطفال العاديين الذين لا
يعانون من هذا الإضطراب يمكنهم أثناء عملية مماثلة الوصول لموجات كهربائية دماغية
"بيتا" والتي تعتبر أعلى نمط من الموجات الدماغية. وهذا التردد يخلق
الفروقات في السلوك والتركيز حيث أن أطفال اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه لا
يمكنهم الوصول إلى مستوى موجات "بيتا"، ولكن نظرية أخرى تقول بأن الدماغ
يجد صعوبة في موازنة السيالات العصبية.
كما تظهر الدراسات أن اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه مرض وراثي
حيث تم الملاحظة من خلال عدة دراسات شملت توائم ارتفاع نسبة الإصابة بهذا الإضطراب
في نفس الأسرة نتيجة لعوامل وراثية في الجينات. وبحسب دراسة أجرتها كلية طب النفس
بجامعة برشلونة بأسبانيا أظهرت النتائج وجود علاقة متبادلة نسبتها 64% لدى الأسر
التي تظهر لهم أعراض هذا الاضطراب وأن نسبة الإصابة باضطراب فرط الحركة وتشتت
الانتباه مماثل لنسبة النمط الجيني الخاص بالطول أو لون الشعر.
أما بالنسبة للعوامل البيئية فيرى بعض الأخصائيين أنها تتسبب في
ظهور اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه وتشمل هذه العوامل المواد الغذائية الحافظة
(البنزوات) والملونات. فوفقا لدراسة أجريت من قبل جامعة ساوث هامبتون ونشرت في
مجلة لانسيت الطبية فإن الأطفال غير المصابين بهذا الاضطراب ممن تناولوا مشروبات
تحتوي على مواد حافظة وملونات ظهرت عليهم زيادة في أعراض فرط الحركة بنسبة 10%.
وهذه المكونات نجدها في الكثير من الأطعمة التي يقبل الأطفال على تناولها.
لذا قد يكون من العوامل المساعدة التي يمكن للوالدين تنفيذها للتخفيف من الحركة
المفرطة لدى الأطفال إزالة مثل هذه الأطعمة من النظام.
يتم تشخيص اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه عن طريق أدوات تشخيصية
كالملاحظة السريرية بالإضافة إلى التحدث مع المريض وإجابة الأبوين والمعلمين
على استبيان طبي مما يساعد على تقييم أعراض الاضطراب ومدى تأثيره على قدرة الطفل
على مواجهة المسائل اليومية. كما تساعد هذه الأدوات الطبيب في اتخاذ مسار علاجي
لتعديل السلوك مع علاج دوائي أو من غيره.
إن أكثر الطرق فعالية لمساعدة أطفال اضطراب فرط الحركة وتشتت
الانتباه من خلال تطبيق نموذج علاج يتم فيه مساندة التعديل السلوكي بالدواء حسب
تشخيص الطبيب. فيعد التعديل السلوكي أداة مهمة لمساعدة الأطفال في تطوير
سلوك ومهارات الأطفال بالإضافة إلى مساعدتهم في التعلم. فضلا عن ذلك، وبحسب دراسة
جديدة نشرت في الثامن من أبريل 2004 م في مجلة طب النفس المركزي الطبي
الحيويBiomed Central Psychiatry) ) فإن الأطفال الذين
تناولوا مكملات الزنك مع أدوية معالجة الاضطراب بدى عليهم التحسن بشكل أكبر وبمعدل
أسرع من أولئك الذين لم يتناولوا الزنك.
ويختار الأطباء في العادة ما بين الأدوية المنبهة أو غير المنبهة
حسب الحاجة. والأدوية الرئيسة المنبهة المستخدمة في علاج اضطراب فرط الحركة وتشتت
الانتباه هي:
- الميثيلفينيديت (متوفر تجاريا
باسم ريتالين وكونسيرتا ودايترانا)
- دكستروأمفيتامين- أمفيتامين (
متوفر تجاريا باسم آديرأول)
- دكستروأمفيتامين ( متوفر تجاريا
باسم ديكسيدرين)
يتوفر ريتالين وكونسيرتا بجرعات من الحبوب ذات مفعول
قصير يستمر لمدة 4 ساعات أو مفعول أقوى يستمر لمدة تتراوح بين 6-12 ساعة في حين أن
دايترانا متوفر بصورة رقعة لاصقة صغيرة يضعها الطفل على الجلد مباشرة. وهذه الرقعة
ملائمة جداً لصغار العمر أثناء اليوم الدراسي، ولكن الدواء يأخذ وقت أطول ليدخل
مجرى الدم ويبدأ بإعطاء الأثر المطلوب.
بالنسبة للدواء غير المنبه فعادة ما يستخدم أتوموكسيتين (تجارياً
يعرف باسم ستراتيرا) فهو مثبط استرداد النورايبينفرين لا يزول أثناء النهار.
يتوفر في الوقت الراهن دواء ريتالين وكونسيرتا في أسواق المملكة.
مع زيادة هذا الإضطراب ووعي الناس إليه أصبح من الواضح أن الأطفال
المصابين به بحاجة دائمة للمساندة الإيجابية في البيت والمدرسة ليحققوا النجاح في
كافة نواحي حياتهم العلمية والإجتماعية لأنه في خطر متزايد من دون العلاج يؤثر على
مستقبلهم كالإنسحاب من المدرسة والإدمان ومواجهة صعوبات في النضوج.
ولقد أحرز الأطباء وغيرهم من المتخصصين في الطب تقدم كبير
على صعيد مواجهة هذه المسألة في المملكة العربية السعودية كما تم نشر الوعي
للمؤسسات التعليمية عن طريق عقد شتى حلقات البحث والقاء المحاضرات الهادفة. حيث
قامت مجموعة دعم اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه بعقد مؤتمر في نوفمبر 2009م تحت
رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود. وقد
تعاونت تلك المجموعة أثناء المؤتمر مع الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال
لبحث مسألة تدريب الأخصائيين في كيفية مواجهة هذا الإضطراب من خلال التشخيص الصحيح
للمرضى ومعالجة الأطفال المصابين بذلك الاضطراب بشكل أفضل.
أجريت دراسة علمية في منطقة الدمام تم فيها تقييم 1287 طالب
وطالبة تتراوح أعمارهم مابين 6-13 سنة في 67 مدرسة حكومية و10 مدارس خاصة، وقد
أظهرت النتائج ضرورة استهداف الطفل والأسرة وخدمات الرعاية الأولية والمدرسة
والمجتمع بنهج علمية، وأهمية تنفيذ التغييرات اللازمة للحد من انشار اضطراب فرط
الحركة وتشتت الانتباه.
وتهدف هذه المنظمات إلى نشر الوعي وأن في السنوات القليلة ستحظى
هذه المشكلة الصحية بالمزيد من الملاحظة والإنتباه وعلى الأخص من حيث مساندة جهد
الأسر والقطاع التعليمي للتوصل الى التشخيص الصحيح وعلاج الأطفال ذوي ضطراب فرط
الحركة وتشتت الانتباه.
منقول من موقع الشئون الصحية بوزارة الحرس الوطني بالمملكة العربية
السعودية
http://ngha.med.sa/Arabic/HealthAwareness/Articles/Pages/AttentionDeficitHyperactivity.aspx
0 التعليقات:
إرسال تعليق