ما شأني بهم وما شأنهم بي


يرمق الغادي والرائح بنظراته، مراقباً لتحركاتهم بطريقة مزعجة، فيها تطفل على خصوصيات الناس، وكأنه موكل بأهل الحي فرداً فرداً!!
للأسف هذه الظاهرة المزعجة هي صفة لبعضهم!!
ظاهرة التلصص على الناس!! أين ذهبوا؟ ومن أين جاءوا؟ وماذا اشتروا؟ ومن أتاهم؟ ومن دعاهم؟!!
إن شئت فسمها تطفل!
وإن شئت فسمها لقافة!
وإن شئت فسمها قلة ذوق وقلة أدب!
هذه الظاهرة يمكن أن نطلق على أصحابها: البصاصون!!
لقد وصف الاسلام من يترك ما لا يعنيه: بحسن الاسلام، ففي الحديث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه ) حديث حسن رواه الترمذي وغيره .
لكن البعض في الحقيقة لا يترك ما لا يعنيه بل يحشر نفسه فيما لا يعنيه حتى يصل به الأمر إلى أن يعتاد التطفل على خصوصيات الناس!
فتراه ينتهك خصوصيات الناس بالنظر!
وينتهك خصوصايتهم بالكلام في المجالس عن فلان وعلان!!!
وينتهك خصوصياتهم بنقل ما يصل له من أخبار عن فلان وابن فلان وابنة فلان و زوجة فلان...الخ!!
ينتهك خصوصياتهم حتى بالاستهزاء بأشكالهم وأجسامهم وطريقة حياتهم!!!
وينتهك خصوصياتهم بنقل أسرارهم!!
يسلم الإمام فترى أصحاب هذه العادة قد التوت أعناقهم تاركين الذكر بعد الصلاة يحدون النظر في الناس الذين خلفهم والذين عن أيمانهم وعن شمائلهم!!!
لقد رأيت أحدهم اصطدم بواجهة إحدى المحلات التجارية وهو يمشي بسبب هذه العادة!!
الحقيقة أن البعض قد اعتاد هذه العادة حتى أنه يبحلق في وجوه الناس في المسجد أو في الشارع دون حتى أن يسلم عليهم!
هذه الظاهرة تكاد تكون بارزة بشكل ملفت في المجتمعات الصغيرة كالمدن الصغيرة والقرى، لكن في المقابل تخف كثيرا في المدن الكبرى!!
هذ الظاهرة يصنعها فراغ العقل من كل مفيد!!!
تصنعها شهوة حب تتبع عورات الناس وأخبارهم!!

في الحديث المرفوع : " يَا مَعْشَرَ مَنْ آمَنَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يَدْخُلِ الإِيمَانُ قَلْبَهُ ، لا تَغْتَابُوا الْمُسْلِمِينَ ، وَلا تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ ، فَإِنَّهُ مَنْ تَتبَّعَ عَوْرَاتِ الْمُسْلِمِينَ تَتَّبَعَ اللَّهُ عَوْرَتُهُ حَتَّى يَفْضَحَهُ فِي بَيْتِهِ "

وفي الحديث الآخر: "إِنَّ الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ لا يلقي لها بالاً يرفعه الله بها وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ يهوي بها في جهنم"
ما أجمل أن يترك الانسان غيره في حال سبيله، إلا أن يرى منكرا ظاهراً فإنه ينصح صاحبه نصيحة المسلم للمسلم في جو من رباط الاخوة الاسلامية.

روابط إثرائية حول الموضوع:
قصة ابن الشيخ محمد العريفي مع حديث (من حسن اسلام المرء تركه ما لا يعنيه)


http://www.alfawzan.af.org.sa/node/13827



كتبه/ الأستاذ محمد
في 9 رمضان 1437هـ

إصلاح الخلل



تخيل معي هذا المشهد:
بيت جميل في الليل فيه مصابيح كثيرة،  لكن بعض هذه المصابيح لا يعمل!!!
بعض أجزاء البيت مظلمة!! موحشة!
 لن يكون منظر البيت جيداً وهو بهذا الشكل!
في هذه الحالة تحتاج تبديل هذه المصابيح المعطوبة أو إصلاح الخلل ليعود البيت مضيئاً مبهجاً جميلاً.
كذلك أنت هناك مناطق مظلمة لديك!
ابحث عن الخلل!  أين يوجد؟!
صلاتك مصباح!
النوافل مصباح!
برك لوالديك مصباح!
صيامك مصباح!
تعاملك مع الناس مصباح!
خلقك مصباح!
الأذكار في حياتك مصباح!
قراءة القرآن الكريم مصباح!
صدقتك على غيرك مصباح!
وغيرها الكثير من المصابيح في حياتك بعضها يعمل بشكل ممتاز!
وبعضها معطل ومظلم!
وبعضها يحتاج تجديد لضعف نوره!
هل تفقدت المصابيح في حياتك؟!
قد يكون بعضها يحتاج اصلاح ليعود النور إلى حياتك!
هل تظن أن هناك مناطق مظلمة في حياتك تسبب لك قلقاً وأرقاً وتنغص عليك عيشك؟!
حدد هذه المناطق، ثم ابدأ فوراً بعلاج الخلل حتى تكون حياتك مضيئة مبهجة.
لقد تحدث ابن القيم في كتابه (الجواب الكافي) عن المعصية باعتبارها مما يحدث مناطق مظلمة في حياتك!
ومما ذكره أن من آثار المعصية: الظلمة التي يجدها العاصي في قلبه : فان الطاعة نور والمعصية ظلمة ، وكلما قويت الظلمة ازدادت حيرته حتى يقع في البدع والضلالات .
قال ابن عباس : أن للحسنة ضياء في الوجه ، ونورا في القلب ، وسعة في الرزق ، وقوة في البدن ، ومحبة في قلوب الخلق ، وان للسيئة سوادا في الوجه ، وظلمة في القبر والقلب ، ووهناً في البدن ، ونقصا في الرزق ، وبغضة في قلوب الخلق .
كلنا مقصر لكن هل تفقدنا مواطن التقصير وبدأنا بالإصلاح؟!
إن كثير من القلق والتعب والهم الذي يصيبنا هو بسبب هذه المناطق المظلمة في حياتنا.
حياتنا تحتاج فحص كامل، ومن ثم تحديد الخلل!
ثم بعد تحديد الخلل نحتاج خطوات مدروسة في العلاج، خطوات مدعومة بقوة الإرادة والعزيمة والطموح لحياة أفضل، لحياة يملؤها الرضى والسعادة والطمأنينة.
إذا لم نستطع إصلاح هذه المصابيح المعطوبة فلنستعن بمن يستطيع إصلاحها!

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
((الطُّهُورُ شَطْرُ الْإِيمَانِ, وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلَأُ الْمِيزَانَ, وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلَأانِ أَوْ تَمْلَأُ مَا بَيْنَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ, وَالصَّلَاةُ نُورٌ, وَالصَّدَقَةُ بُرْهَانٌ, وَالصَّبْرُ ضِيَاءٌ, وَالْقُرْآنُ حُجَّةٌ لَكَ أَوْ عَلَيْكَ, كُلُّ النَّاسِ يَغْدُو, فَبَايِعٌ نَفْسَهُ فَمُعْتِقُهَا أَوْ مُوبِقُهَا))
[أخرجه مسلم في صحيحه]
هناك في القرآن الكريم سورة كاملة اسمها سورة النور.
ولقد ذكر الله سبحانه وتعالى النور والظلمة في القرآن الكريم، وان طريق الخير هو طريق النور وطريق الشر هو طريق الظلام.
تفكر! تدبر! في حياتك
حدد الخلل!
ابدأ الاصلاح!
ثم قس النتائج، ستجد فرقاً كبيرا في حياتك نحو الأفضل.
الضياء والنور بهجة وسرور!
كتبه/ الأستاذ محمد

5 مضان 1437هـ

الخشوع في الصلاة


      
         في هذه المقالة سأحاول تبسيط مفهوم الخشوع  حتى يستفيد الكاتب والقارئ دون الدخول في تفاصيل قد لا تفيدنا كثيراً.

القلب وما أدراك ما القلب؟!!

         إذا خشع القلب تبعه خشوع جميع الجوارح والأعضاء؛ لأنها تابعة له كما قال صلى الله عليه وسلم: «ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب» فإذا خشع القلب خشع السمع والبصر والرأس والوجه وسائر الأعضاء وما ينشأ منها حتى الكلام، لهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في ركوعه في الصلاة: «خشع لك سمعي وبصري ومخي وعظمي» وفي رواية: «وما استقل به قدمي».


         قال النبي صلي الله عليه وسلم : « أول علم يرفع من الناس الخشوع ، يوشك أن تدخل مسجد جماعة فلا ترى فيه رجلاً خاشعاً » رواه الترمذي وأحمد والدارمي . قال حذيفة بن اليمان رضي الله عنه - : (أول ما تفقدون من دينكم الخشوع ، وآخر ما تفقدون الصلاة ، ورب مصل لا خير فيه ، ويوشك أن تدخل المسجد فلا ترى فيهم خاشعاً).

         لما سمع بعض السلف قول الله تعالى ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَقْرَبُوا الصَّلاَةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ .. ﴾ قال « كم من مصل لم يشرب خمراً ، وهو في صلاته لا يعلم ما يقول ، قد اسكرته الدنيا بهمومها ».

ومما يعين على الخشوع في الصلاة التعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، أتى عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه  فقال : يا رسول الله ! إن الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي وقراءتي ، يلبسها علي . فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم : « ذاك شيطان يقال له خنزب ، فإذا أحسسته فتعوذ بالله منه واتفل على يسارك ثلاثاً » . قال : ففعلت ذلك فأذهبه الله رواه مسلم . ومما  أيعين على الخشوع في الصلاة يا عباد الله : مدافعة الشواغل والموانع التي تصرف عن الخشوع ،فلا يصلي في مكان مزعج ، أو أمام نقوش وتصاوير وألوان وكتابات ، ولا يصلي بحضرة طعام يشتهيه ، ولا يصلي وهو حاقن ، أو يدافعه الأخبثان ، أو قد غلبه النعاس .

ومما يعين على الخشوع أيضاً : الاستعداد للصلاة قبلها ، والحضور للمسجد مبكراً ، ففي ذلك تهيئة للنفس ، وخضوع في القلب .


        الحقيقة أنه على المسلم قبل أن يحضر إلى الصلاة أن يقوم بعملية تجهيز لهذه الفريضة قبل الحضور لها و أدائها!!! أليس الواحد منا حريص كل الحرص على أن يجهز لحفل خاص به أو وليمة قد أعدها ودعا الناس اليها؟! نعم إن الانسان حريص جداً على أن يعد العدة قبل أي عمل يقوم به!!

كل مناسباتنا الدنيوية وأعمالنا ما لم يكن هناك إعداد مسبق لها فحتما ستكون المناسبة مشوههة ولن يرتاح صاحبها فهي مدعاة للتوتر والقلق!! والصلاة كذلك بل هي أعظم مناسبة للوقوف بين يدي مالك الملك.

إن اتباعك للسنة في شروط الصلاة وواجباتها وأركانها مدعاة للخشوع ولن يضيع الله عمل عامل، وقد ذكر بعضهم أن اتباع السنة في الوضوء وعدم الإسراف في الماء مدعاة للخشوع وقال أن ذلك ثبت بالتجربة والله أعلم.

أخيرا جهز نفسك للصلاة مسبقا وأبعد الشواغل عن قلبك، حدد كل ما يشغلك ولو أن تكتبه ثم تعامل مع الشواغل بتحديد أوقات غير وقت الصلاة لتنهيها فيه، ثم إذا وقفت في الصلاة فجاهد نفسك على حضور الذهن فيما يخص الصلاة من تدبر وخشوع وكل ما فلت منك تفكيرك بعيداً فأعده مرة أخرى مصرا على أن تصلي صلاة يكتب لك أجرها كاملة إن شاء الله فليس للإنسان إلا ما عقل من صلاته.

إعداد/ الأستاذ محمد

في 3 رمضان 1437هـ