الخشوع في الصلاة


      
         في هذه المقالة سأحاول تبسيط مفهوم الخشوع  حتى يستفيد الكاتب والقارئ دون الدخول في تفاصيل قد لا تفيدنا كثيراً.

القلب وما أدراك ما القلب؟!!

         إذا خشع القلب تبعه خشوع جميع الجوارح والأعضاء؛ لأنها تابعة له كما قال صلى الله عليه وسلم: «ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب» فإذا خشع القلب خشع السمع والبصر والرأس والوجه وسائر الأعضاء وما ينشأ منها حتى الكلام، لهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في ركوعه في الصلاة: «خشع لك سمعي وبصري ومخي وعظمي» وفي رواية: «وما استقل به قدمي».


         قال النبي صلي الله عليه وسلم : « أول علم يرفع من الناس الخشوع ، يوشك أن تدخل مسجد جماعة فلا ترى فيه رجلاً خاشعاً » رواه الترمذي وأحمد والدارمي . قال حذيفة بن اليمان رضي الله عنه - : (أول ما تفقدون من دينكم الخشوع ، وآخر ما تفقدون الصلاة ، ورب مصل لا خير فيه ، ويوشك أن تدخل المسجد فلا ترى فيهم خاشعاً).

         لما سمع بعض السلف قول الله تعالى ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَقْرَبُوا الصَّلاَةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ .. ﴾ قال « كم من مصل لم يشرب خمراً ، وهو في صلاته لا يعلم ما يقول ، قد اسكرته الدنيا بهمومها ».

ومما يعين على الخشوع في الصلاة التعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، أتى عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه  فقال : يا رسول الله ! إن الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي وقراءتي ، يلبسها علي . فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم : « ذاك شيطان يقال له خنزب ، فإذا أحسسته فتعوذ بالله منه واتفل على يسارك ثلاثاً » . قال : ففعلت ذلك فأذهبه الله رواه مسلم . ومما  أيعين على الخشوع في الصلاة يا عباد الله : مدافعة الشواغل والموانع التي تصرف عن الخشوع ،فلا يصلي في مكان مزعج ، أو أمام نقوش وتصاوير وألوان وكتابات ، ولا يصلي بحضرة طعام يشتهيه ، ولا يصلي وهو حاقن ، أو يدافعه الأخبثان ، أو قد غلبه النعاس .

ومما يعين على الخشوع أيضاً : الاستعداد للصلاة قبلها ، والحضور للمسجد مبكراً ، ففي ذلك تهيئة للنفس ، وخضوع في القلب .


        الحقيقة أنه على المسلم قبل أن يحضر إلى الصلاة أن يقوم بعملية تجهيز لهذه الفريضة قبل الحضور لها و أدائها!!! أليس الواحد منا حريص كل الحرص على أن يجهز لحفل خاص به أو وليمة قد أعدها ودعا الناس اليها؟! نعم إن الانسان حريص جداً على أن يعد العدة قبل أي عمل يقوم به!!

كل مناسباتنا الدنيوية وأعمالنا ما لم يكن هناك إعداد مسبق لها فحتما ستكون المناسبة مشوههة ولن يرتاح صاحبها فهي مدعاة للتوتر والقلق!! والصلاة كذلك بل هي أعظم مناسبة للوقوف بين يدي مالك الملك.

إن اتباعك للسنة في شروط الصلاة وواجباتها وأركانها مدعاة للخشوع ولن يضيع الله عمل عامل، وقد ذكر بعضهم أن اتباع السنة في الوضوء وعدم الإسراف في الماء مدعاة للخشوع وقال أن ذلك ثبت بالتجربة والله أعلم.

أخيرا جهز نفسك للصلاة مسبقا وأبعد الشواغل عن قلبك، حدد كل ما يشغلك ولو أن تكتبه ثم تعامل مع الشواغل بتحديد أوقات غير وقت الصلاة لتنهيها فيه، ثم إذا وقفت في الصلاة فجاهد نفسك على حضور الذهن فيما يخص الصلاة من تدبر وخشوع وكل ما فلت منك تفكيرك بعيداً فأعده مرة أخرى مصرا على أن تصلي صلاة يكتب لك أجرها كاملة إن شاء الله فليس للإنسان إلا ما عقل من صلاته.

إعداد/ الأستاذ محمد

في 3 رمضان 1437هـ